الاكتئاب عرض الوجود الإنساني، وخاصية متأصلة فيه، ويعاني الإنسان من الاكتئاب ويكابده، ولكن بدرجات تتباين بتباين ما هو نفسي وما هو وراثي وما هو عقلي وما هو اجتماعي.
وقد يظهر الاكتئاب بوصفه تعبيرا عن خيبة الأمل والإحباط في الحياة وفقدان الموضوع المحبوب، أي قد يظهر نتيجة لانقطاع المدد النرجسي الذي يمنح الإنسان شعورا ممتلئا بالوجود، ولكنه شعور خارجي لا يترجم الثراء الحقيقي للذات.
ويعتبر الاكتئاب من أكثر الظواهر النفسية انتشارا، ونستطيع القول أن أي واحد منا قد يتملكه في وقت من الأوقات شعور بالحزن أو الضيق، أو أننا نشعر أحيانا باضطراب يمنعنا من ممارسة أنشطة الحياة المعتادة كالعمل وتناول الطعام والنوم.
كل هذه العلامات هي في الغالب دلالة على الاكتئاب النفسي، غير أن هناك خطأ شائعا نقع فيه جميعا حين نتوقع أن الشخص الذي يعاني من الاكتئاب لابد أن تبدو عليه علامات الحزن والأسى الشديد بصورة واضحة للجميع، وإذا لم يكن الأمر كذلك فإن عامة الناس لا يدركون أن الشخص يعاني من الاكتئاب.
وهذا الكلام ينطبق على الأطباء أيضا، لأن الجميع يتوقع أن يكون المريض المكتئب في حالة الحزن الواضح، لكن الواقع أن مظهر الحزن وحده ليس دليلا على الاكتئاب أو مرادفا لوجود هذا المرض في كل الأحيان، لكن الاكتئاب له مظاهر وعلامات أخرى.
كيف يساعد الاخصائي النفسي مريض الاكتئاب؟
يمكن للاخصائي النفسي مساعدة مريض الاكتئاب بعدة طرق، بما في ذلك:
1-تشخيص الحالة: يقوم الاخصائي النفسي بتقييم حالة المريض وتشخيص حالته، مما يمكنه من وصف العلاج المناسب والمناسب لحالته.
2-العلاج النفسي: يعتبر العلاج النفسي واحدًا من العلاجات الفعالة للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب. ويتمثل الهدف من العلاج النفسي في تغيير الأفكار السلبية والتحكم في العواطف السلبية وتعلم مهارات التعامل مع الضغوط اليومية التي يمكن أن تؤدي إلى الاكتئاب.
3-العلاج الدوائي: يمكن أن يصف الاخصائي النفسي الأدوية التي تساعد على تخفيف الأعراض الناتجة عن الاكتئاب. ويتم ذلك على أساس تقييم حالة المريض وتحديد مدى فعالية العلاج الدوائي.
4-مراقبة العلاج: يتابع الاخصائي النفسي مريض الاكتئاب خلال الفترة التي يتلقى فيها العلاج، ويقوم بتعديل العلاج إذا لزم الأمر.
5-دعم العائلة والأصدقاء: يمكن أن يساعد الاخصائي النفسي في إيجاد طرق لدعم مريض الاكتئاب من قبل الأسرة والأصدقاء، مما يمكن أن يحسن من نوعية حياته ويساعد في علاج الاكتئاب.
6-توجيهات مهمة: يمكن للمعالج النفسي أن يوجه المريض إلى مجموعات دعم أو منظمات خيرية، أو يمكن أن يوجهه إلى أماكن مفيدة مثل المكتبات والمراكز الثقافية وغيرها، حيث يمكن للمريض الاستفادة من هذه الموارد للمساعدة في مواجهة الاكتئاب.
7-تعلم مهارات التحكم في الضغط: يمكن للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أن يشعروا بالتوتر والضغط، ويمكن للاخصائي النفسي تعليم المريض مهارات التحكم في الضغط، مثل التأمل والتنفس العميق والتمرين الرياضي وغيرها، لمساعدته على الشعور بالاسترخاء والتخفيف من الأعراض.
8-تعزيز التفكير الإيجابي: يمكن للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أن ينحصروا في الأفكار السلبية والتفكير السلبي، ويمكن للاخصائي النفسي تعزيز التفكير الإيجابي، وتعليم المريض كيفية التفكير بشكل أكثر إيجابية وتحفيزه على البحث عن المواقف الإيجابية.
9-تعزيز العلاقات الاجتماعية: قد يشعر الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب بالعزلة والانعزال، ويمكن للاخصائي النفسي تشجيع المريض على بناء علاقات اجتماعية قوية والتواصل مع الأصدقاء والعائلة والمجتمع، وذلك لتحسين حالته النفسية والعاطفية.
10-تعزيز الالتزام بالعلاج: يمكن أن يواجه المريض بعض الصعوبات في الالتزام بالعلاج المقدم من قبل الاخصائي النفسي، ويمكن للاخصائي النفسي تحديد العوامل التي تؤثر على الالتزام بالعلاج، وتقديم الدعم اللازم للمريض لمواجهة هذه العوامل والحفاظ على الالتزام بالعلاج.
11-العمل على تحسين الحالة البدنية: يمكن للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أن يشعروا بالإرهاق والتعب، ويمكن للاخصائي النفسي تشجيع المريض على تحسين حالته البدنية وتحفيزه على ممارسة الرياضة والنشاط البدني، وذلك لتحسين حالته النفسية والعاطفية.
لذالك، فإن الاخصائي النفسي يمكن أن يساعد مريض الاكتئاب من خلال تقديم الدعم اللازم له للتعامل مع الأعراض وتحسين حالته النفسية والعاطفية. ويمكن للمريض الاستفادة من العلاج النفسي والعلاج الدوائي والتدابير الأخرى التي يوصي بها الاخصائي النفسي، مما يمكن أن يحسن من جودة حياته ويساعد في التغلب على الاكتئاب. علاوة على ذلك، يمكن أن يقدم الاخصائي النفسي الدعم العاطفي والمساعدة في تحديد الأهداف والتخطيط للمستقبل، مما يمكن أن يساعد المريض على الشعور بالثقة والأمل في المستقبل.
مفهوم الاكتئاب:
الاكتئاب كمفهوم: خبرة وجدانية ذاتية أعراضها الحزن والتشاؤم وفقدان الاهتمام واللامبالاة والشعور بالفشل وعدم الرضا والرغبة في إيذاء المرء لنفسه والتردد وعدم البت في الأمور والإرهاق وفقدان الشهية واحتقار الذات وبطء الاستجابة وعدم القدرة على بذل أي مجهود.
وفي المؤلفات العربية يجمع الكتاب على أنه حالة من الانكسار والحزن والشعور بالتعاسة والضيق تنتج إثر تعرض الفرد لمواقف حياتية ضاغطة يصاحب ذلك جملة من الأعراض النفسية والجسمية.
ويمكن تعريفه بأنه اضطراب وجداني يتميز بمزاج سوداوي، وإحساس بعدم الرضا، وعدم القدرة على الإتيان بالنشاط السابق، واليأس من مواجهة المستقبل، وفقد القدرة على النشاط، ووجود صعوبة في التركيز، والشعور بالإرهاق التام، مع اضطراب في النوم والشهية للطعام.
والاكتئاب هو أكثر الأعراض النفسية انتشارا ويختلف هذا العرض في شدته من مريض لآخر، ويشعر المريض بالاكتئاب مع أفكار سوداوية، والتردي الشديد، وعدم التمكن من اتخاذ أي قرارات، مع الشعور بالإثم وتقليل قيمة الذات، ويبدأ في المبالغة في تضخيم الأمور التافهة، والشكوى من الأرق الشديد، وفقد الشهية مع أوهام مرضية، وأحيانا من الأفكار الانتحارية، ويظهر هذا العرض خصوصا في مرضى الاكتئاب العقلي والذي يتميز باضطرابات بيولوجية وفسيولوجية وكيميائية تسبب الأعراض السابقة.
وقد عرف أنتوني ستور حالة الاكتئاب بأنها تتسم بالحزن، وعدم الميل إلى النشاط الذي قد يتصاعد إلى درجة تصل في الغلب إلى السكون التام والتوقف عن الحركة، وتأخر العمليات العقلية، ويصاحب ذلك حالات الاضطراب في نظام النوم، وفقدان الشهية للطعام، والإمساك، وارتخاء العضلات، وكذلك تضاؤل في الرغبة الجنسية…
ويعزز ستور هذا المعنى في تحديد مفهوم الاكتئاب، ويرى أنه مفهوم الحالة الانفعالية يعاني فيها الفرد من الحزن وتأخر الاستجابة والميول التشاؤمية، وأحيانا تصل حالة الاكتئاب إلى درجة الميل للانتحار، وكذلك تعلو درجة الشعور بالذنب إلى درجة أن الفرد لا يذكر إلا أخطاؤه وذنوبه وقد يصل إلى درجة البكاء الحاد.
ويصف جيمس كالات الشخص المكتئب بقوله يشعر الشخص المكتئب بالخوف والتكدير وقلة الحيلة وفقدان الأمل. ويكون الأفراد المكتئبون عموما خاملين ويعبرون عن شعورهم بعدم السعادة ويبدو في تعبيرات وجوههم. كما أنهم يعانون من اضطرابات في النوم فهم ينامون أكثر من الشخص الطبيعي ويستغرقون وقتا أطول للدخول في النوم. وقد يستيقظون مبكرا عن المعتاد بشكوى النوم غير المريح وعادة لا يمكنهم العودة للنوم ثانية مع شعور بالخمول أثناء النوم.
وعرفه برنز وبيك "بأنه اختلال يصيب الجهاز البيولوجي كله، ويشتمل على الانفعالات والأفكار والسلوكيات والوظائف البدنية، ويتميز المكون الانفعالي بوجود مزاج كدر يشتمل على مشاعر الحزن والتوتر واليأس والشعور بالإثم، وتشتمل الأعراض البدنية على توهم المرض والأرق وزيادة الوزن أو نقصانه، والإمساك أو الإسهال، والسبات والخمول وعدم النشاط والانعزال عن العمل، وتجذب الأنشطة السارة.
أسباب الاكتئاب:
للاكتئاب أسباب كثيرة ومتعددة منها ما يتعلق بالنفس ومنها ما يتعلق بعوامل خارجية من البيئة المحيطة بالإنسان وسوف نتطرق لتفصيل بعض هذه الأسباب، فنقول أن من أسباب الاكتئاب ما يلي:
الأسباب النفسية والاجتماعية:
تتمثل الأسباب النفسية والاجتماعية لحدوث الاكتئاب فيما يلي:
1-التوتر الانفعالي والظروف المحزنة والخبرات الأليمة والكوارث القاسية (مثل موت عزيز أو طلاق أو سجن بريء أو هزيمة… إلخ) والانهزام أمام هذه الشدائد.
2-الحرمان (ويكون الاكتئاب استجابة لذلك) وفقد الحب والمساندة العاطفية، وفقد حبيب أو فراقه، أو فقد وظيفة، أو فقد ثروة، أو فقد المكانة الاجتماعية، أو فقد الكرامة، أو فقد الشرف، أو فقد الصحة، أو فقد وظيفة حيوية والفقر الشديد.
3-الصراعات اللاشعورية. الإحباط والفشل وخيبة الأمل والكبت والقلق. ضعف الأنا الأعلى واتهام الذات والشعور بالذنب الذي لا يغتفر بالنسبة لسلوك سابق (خاصة حول الأمور الجنسية) والرغبة في عقاب الذات. الوحدة والعنوسة وسن القعود (سن اليأس) وتدهور الكفاية الجنسية والشيخوخة والتقاعد. الخبرات الصادمة والتفسير الخاطئ غير الواقعي للخبرات. التربية الخاطئة؛ (التفرقة في المعاملة والتسلط والإهمال… إلخ). عدم التطابق بين مفهوم الذات الواقعي أو المدرك وبين مفهوم الذات المثالي". .
4-سوء التوافق، ويكون الاكتئاب شكلا من أشكال الانسحاب ووجود الكره أو العدوان المكبوت. ولا يسمح الأنا الأعلى للعدوان أن يتجه للخارج ويتجه نحو الذات، حتى قد يظهر في شكل محاولة الانتحار، ويكون الاكتئاب هنا بمثابة الكفارة".
ويخطئ كثير ممن يتصورون أن العلم الحديث قد وضع يده على كل الحقائق التي تتعلق بحالة الصحة والمرض النفسي أو أنه قد توصل لمعرفة مسببات الاضطرابات النفسية عامة والاكتئاب النفسي بصفة خاصة. وبعض النظريات والافتراضات تتحدث عن أسباب نفسية للاكتئاب والبعض الآخر يعزوها لعوامل وراثية وبيئية واجتماعية.
الأسباب البيولوجية الجسمانية:
أسباب وراثية: أثبتت الدراسات أن أفراد العائلات المصابة بالاكتئاب تكون القابلية لديهم للإصابة بنفس أعراض الاكتئاب أكبر من أفراد العائلات التي لا تعاني من الاكتئاب.
"وهناك ملاحظة أخرى تتعلق بدراسة الاكتئاب ترجح بدورها إمكانية وجود تفسير عضوي، وتستند على ما كشفت عنه البحوث من وجود تماثل في شيوع هذا الاضطراب في أسر دون الأخرى، وشيوعه بين التوائم حتى لو نشأوا في ظروف اجتماعية مختلفة، مما يرجح وجود تفسير وراثي". .
أسباب عضوية كيميائية، ومنها:
- عدم التوازن في تركيز أملاح الصوديوم والبوتاسيوم في الجسم.
- التغييرات التي تحدث في الهرمونات.
- زيادة إفراز الكورتزون بسبب زيادة الهرمون المسئول عن إفرازه من الغدة النخامية.
- النقص في إفراز الهرمون المنشط للغدة الدرقية.
- الخلل في إفراز المواد الكيميائية في نهايات الأعصاب.
- تعاطي بعض أنواع من الأدوية مثل الأدوية التي تستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم.
- تعاطي الكحول.
- انخفاض مستوى نوع معين من الأحماض الأمينية مثل (الكاثيكول أمين).
- انخفاض مادة (النور أدرينالين) في مناطق الاستقبال بالمخ وهي تختص بالسلوك العاطفي والوجداني.
- النقص في معدلات بعض مواد كيميائية في المخ مثل (السيروتونين) مما يؤثر على المزاج، وكذلك التحكم في التصرفات.
أسباب اقتصادية:
يتأثر الفرد بالظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها الأسر وتنعكس عليه بالكآبة، وفي مقارنة النساء الفقيرات غير المستقرات اقتصاديا في حياتهن تبين أن الظروف الاقتصادية تؤدي إلى التوتر وينعكس هذا على الأطفال وعلى ظهور المشكلات السلوكية لديه والاكتئاب.وقد توصل فريدمان إلى وجود ثلاثة أنماط من الآباء والأمهات:
النمط الأول: آباء وأمهات يعيشون في ظل الضغوط الاقتصادية التي تؤدي بهم لحالة من الاكتئاب والمشكلات الزواجية.
النمط الثاني: أمهات لديهن ميل أو اتجاه لأن يكن مكتئبات في حالة الضغوط الزواجية.
النمط الثالث: آباء انسحبوا من العلاقات الاجتماعية نتيجة لسوء أحوالهم الاقتصادية، وفي كل هذه الأنماط يكون هناك احتمال كبير لإصابة الأطفال بالاكتئاب.
إن الأفراد الذين يخضعون لسيطرة المخدرات يشعرون بالاكتئاب غالبا، والبحث عن السعادة أو الارتياح عن طريق المسكرات والجنس والمال والمخدرات والقمار أو الطعام، يصبح عادة، والصراع بين ما هو كائن وما يجب أن يكون، يسبب الشعور بعدم الأهمية والذنب واحتقار الذات. ).
أنواع الاكتئاب:
تعددت أنواع الاكتئاب بتعدد مدارس علم النفس إلا أن هذه التصنيفات وإن تعددت في مناحيها ومسمياتها، إلا أنها متفقة في التشخيص والتحليل والمعالجة.
ومن بين تلك الجهود التصنيف الذي قدمه بيتك وحدده في المظاهر التالية:
المظاهر الانفعالية:
وتتضمن فقدان القدرة على الاستمتاع بمرح الحياة، وضعف الثقة بالنفس.
المظاهر المعرفية:
وتتضمن سلبية مفهوم المريض لذاته، وتوجيه اللوم لنفسه وتضخيم المشكلات، وانعدام القدرة على اتخاذ القرارات والحسم، وضعف الإحساس بالقيمة الذاتية.
المظاهر الدفاعية:
وتتضمن ضعف القدرة على الإنجاز، وانعدام الميل نحو المثابرة والطموح لتحقيق أهداف الحياة ومتطلباتها، والشلل في الإرادة، والرغبة في الهروب من الواقع وتحبيذ فكرة الموت، وتزايد الميول الاتكالية.
المظاهر الجسمية:
وتتضمن الشعور السريع بالتعب والإرهاق، وفقدان الطاقة الجنسية، وكثرة نوبات الأرق.
من أعراض الاكتئاب:
ويمكن القول أن الاكتئاب يحدث في صورة اضطراب أحادي القطب أو ثنائي القطب. ويحدث الاكتئاب أحادي القطب في صورة واحدة تتراوح فيها الحالة المزاجية بين الحالة الطبيعية إلى حالات الاكتئاب والحزن المرضي… أما الاكتئاب ثنائي القطب فهو يعرف أيضا باسم الاضطراب الهوسي – الاكتئابي، وقطباه هما الهوس والاكتئاب.
تصنيف الاكتئاب:
1-اكتئاب خفيف:
وهو أخف صور الاكتئاب.
2-اكتئاب بسيط:
وهو أبسط صور الاكتئاب.
3-اكتئاب حاد (السواد):
وهو أشد صور الاكتئاب حدة.
4-اكتئاب مزمن:
وهو دائم وليس في مناسبة فقط.
5-اكتئاب تفاعلي (أو موقفي):
وهو رد فعل لحدوث الكوارث، وهو قصير المدى.
6-اكتئاب شرطي:
وهو اكتئاب يرجع مصدره الأصلي إلى خبرة جارحة، ويعود إلى الظهور بظهور وضع مشابه أو خبرة مماثلة للوضع أو الخبرة السابقة.
7-اكتئاب سن القعود:
ويحدث عند النساء في الأربعينات وعند الرجال في الخمسينيات أي عند سن القعود أو نقص الكفاية الجنسية أو الإحالة إلى التقاعد. ويشاهد فيه القلق والهم والتهيج والهذاء وأفكار الوهم والتوتر العاطفي والاهتمام بالجسم، وقد يظهر تدريجيا أو فجأة وربما صحبته ميول انتحارية، ويسمى أحيانا سوداء سن القعود.
8-الاكتئاب العصابي – الاكتئاب الذهاني:
والفرق بين الاكتئاب العصابي والاكتئاب الذهاني فرق في الدرجة، وفي الاكتئاب الذهاني يسيء المريض تفسير الواقع الخارجي وتصاحبه أوهام وهذيان الخطيئة.
أن الاكتئاب العصابي: غير عميق الجذور، لا يصاحبه جمود انفعالي تام، الاتصال بالواقع موجود، التقييم الذاتي سلبي، درجة النكوص عادية، النشاط العقلي بطيء نسبيا، لا يوجد فيه أوهام أو هلوسات أو أفكار الانعدام، فكرة الانتحار تراود بعض المرضى ولكن ليس عن نية صادقة وبعد تردد وإعلان وتهديد بالانتحار وخوف من الإقدام عليه والهدف هو إيقاع بالآخرين، والمريض يدرك مرضه ويسعى للعلاج، ويكون علاجه في العيادة النفسية.
أما الاكتئاب الذهاني فهو: عميق الجذور، يصاحبه جمود انفعالي ويندر معه التعاطف الشعوري والابتسام الموضوعي والتجاوب مع مثيرات الفرح، الاتصال بالواقع محدود أو معدوم أو آلي أو شبه آلي مع عدم اتصال الأفكار مع واقع الحياة الخارجية، التقييم الذاتي يميزه تحقير الذات وإدانة النفس على أمور لم تصدر من الشخص والاعتقاد في عدم استحقاقه للحياة أو عدم صلاحيته وعدم نفعه، درجة النكوص السلوكي شديدة وخطيرة، بطء وهبوط النشاط النفسي الحركي والوظائف العقلية، توجد فيه أوهام اكتئابية وهلوسات اضطهادية وهذيانات الخطيئة وأفكار الانعدام، فكرة الانتحار تراود المريض عن نية صادقة ودون سابق تفكير ويحدث عادة فجأة ونادرا ما يعلن أو يهدد بالانتحار ولا يخافه ويقدم عليه في جمود شعوري والدافع هنا هو إهلاك الذات، المريض لا يسعى للعلاج، ويكون علاجه في مستشفى الأمراض النفسية.
وهناك أيضا نوع آخر وهو: الاكتئاب الذهولي: يمثل أقصى درجات الحدة من المرض فإذا ترك المريض وشأنه فإنه يظل راقدا دون حركة ويعزف عن الأكل والشرب فيما يشبه حالة التخشب لدى مريض الفصام الكتانوني.
وتتفاوت نوبات الاكتئاب بين اكتئاب محرض (استجابة لأحداث مكدرة فعلا) واكتئاب نفسي المنشأ، وأخيرا اكتئاب موسمي. ويقع تحت هذا التصنيف أيضا الاكتئاب داخلي المنشأ والاكتئاب الذهاني، ليتبعا الاضطرابات الوجدانية العظمى.
علي، رجب احمد مصطفى وغربال، طلعت منصور و هيبه، حسام اسماعيل. (٢٠١٤) . مقياس الاكتئاب. مجلة القراءة والمعرفة. ١٥٢،٢-44.