أشعر بخجل دائم، لا أستطيع حضور العديد من المناسبات العائلية الكبيرة، أشعر بأن جميع
الحاضرين ينظرون إلي، وأصاب بتعرق في اليدين ولعثمة في الحديث.. ماذا أفعل؟!
الرهاب الاجتماعي أو ما يسمى باضطراب القلق الاجتماعي عبارة عن حالة شديدة من الخوف أو القلق
المتعلق بالمواقف الاجتماعية التي يكون فيها الشخص عرضة للتدقيق والملاحظة من قبل الآخرين
كإلقاء كلمة أمام الجمهور، مقابلة الغرباء او التحدث معهم، او الاكل والشرب أمام الآخرين. يشعر
الشخص بالخوف من التصرف بطريقة تظهر اعراض القلق عليه وبالتالي يتم تقييمه بشكل سلبي من
قبل الآخرين مما يُشعره بالإحراج او الرفض.
يؤدي الرهاب الاجتماعي الى تجنب المواقف الاجتماعية كالمناسبات والتجمعات ويقلل من اختلاط
الشخص بالآخرين او التعبير عن ذاته أمامهم مما يزيد من عزلته النفسية والاجتماعية، وقد يؤدي ذلك
الى تدهور او انخفاض مستوى الشخص في المجالات المختلفة كالعمل والتعليم والجوانب الأخرى. هذه
الأعراض والسلوكيات عادة ما تستمر لفترة من الوقت تصل الى ستة أشهر أو أكثر حتى يتم التأكد
من تشخيصها.
تتراوح نسبة انتشار الرهاب الاجتماعي ما بين 3 الى 13 %. وعادة ما تظهر الأعراض في سن المراهقة،
وتعد أصابة الإناث أكثر من الذكور رغم تغير مستوى الاصابة لدى الجنسين في السنوات الأخيرة.
كما قد يصاحب حالات الرهاب الاجتماعي بعض الاضطرابات النفسية الاخرى كالاضطرابات
المزاجية والاكتئاب او تعاطي بعض المواد الادمانية كمحاولة يائسة للتعامل مع هذه الأعراض.
هنالك عدة عوامل تلعب دور هام في نشئت هذا الاضطراب ونذكر من أهمها:
1. العوامل الوراثية: وجدت الدراسات ان الاقرباء من الدرجة الاولى للمصاب هم أكثر احتمالية
بالإصابة بالرهاب الاجتماعي بثلاث مرات مقارنة بغيرهم. كما اكدت دراسات التوائم اهمية
الجوانب الوراثية المقارنة بين السيامين وغير السياميين.
2. العوامل النفسية: تفسر بعض النظريات السلوكية على ان الرهاب الاجتماعي ما هو الا نوع من
الارتباط الشرطي اللاواعي لمواقف حياتية معينة تعرض فيها الشخص سابقاً لمواقف مشابهة أو
محرجة. كما لوحظ ان بعض الاطفال لديهم سمات بارزة من الخجل الشديد الذي يتعزز مع الوقت
خلال فترة البلوغ.
3. عوامل اجتماعية وبيئية: تشير بعض الدراسات الى أن بعض اباء وامهات المصابين كانوا يعاملونهم
اثناء الطفولة بالرفض وبقلة الاهتمام او الحماية الزائدة مقارنة بغيرهم.
4. عوامل عضوية: تلعب النواقل العصبية الكيميائية دوراً هام في ظهور اعراض القلق في العديد من
اضطرابات القلق بما فيها الرهاب الاجتماعي كمادة الادرنالين او النور ادرنالين او السيروتونين.
هذه المواد يحدث خلل في مستوى افرازها وتركيزها في الدماغ والجهاز العصبي مما يفاقم من
اعراض القلق والخوف.
العلاج
غالباً ما يرتكز علاج الرهاب الاجتماعي على جانبين وهما الجانب السلوكي والجانب الدوائي، فقد
اشارت الدراسات الى ان دمج الجانبين يزيد من احتمالية التحسن والتعافي بإذن الله. فالجانب السلوكي
يعتمد على خضوع المريض لجلسات العلاج المعرفي السلوكي الذي يركز على طريقة التفكير والافكار
التلقائية السلبية والتشوهات المعرفية لدى المريض وكيفية فحصها والتأكد من صحتها وتصحيحها فهي
تؤثر بشكل متبادل في المشاعر النفسية من خوف وقلق وتوتر وغضب وحزن والاحاسيس الجسدية من
زيادة في ضربات القلق والنبض والضغط والتعرق ورعشة الصوت والجسم والرغبة في التبول وغيرها من
الاعراض التي تؤثر في النهاية في سلوك المريض وتجعله يتجنب المواقف الاجتماعية. دور العلاج هنا هو
مساعدة المريض في إدراك واختبار صحة هذه المعتقدات والمشاعر والاحاسيس وتقييمها واكتساب
مهارات معرفية وسلوكية جديدة أكثر تكيفاً للتغلب على الجوانب السلبية.
الجانب الدوائي يعتبر من العوامل الهامة في علاج الرهاب الاجتماعي، فأغلب الأدوية المضادة للقلق لا
تسبب التعود او الادمان بل تساعد في خفض مشاعر
الخوف والقلق النفسية والجسدية وتقلل من احتمالية الاستمرار في السلوكيات التجنبية وتساعد في
تحسين الحالة المزاجية وتقلل من احتمالية الانتكاسة او عودة الأعراض، وهي عادة ما يتم صرفها لمدة
معينة بحسب تقييم الطبيب النفسي المعالج ومدى وجود اضطراب نفسية مصاحبة.
كتاب صفحات نفسية
تاليف الدكتور خالد العوفى
اشراف الدكتور عبدالحميد الحبيب